الكورونا... وتحدّيات محاربة الوباء

مع مطلع العام الجديد والعقد الثّالث من القرن الواحد والعشرين، يشهدُ العالم بأسره حربًا جديدةً من نوعها. هذه المرّة لسنا بمواجهةٍ مع حربٍ عسكريّة ولا إقتصاديّةٍ ولا حتّى حربٍ باردة... إنّنا نواجهُ حربًا بيولوجيّةً قائمةً بين الجنس البشري بأسره وجرثومةً جديدةً عُرفت بالــ"كورونا فيروس". ابتدأت هذه الجرثومة تنتشر في العالم شيئًا فشيئًا، وانتقلت بسرعةٍ كبيرة بين أصقاع الدّول من المشارق إلى المغارب، فبادئ الأمر كانت الإصابات محصورة في جمهوريّة الصّين، أمّا اليوم وبعد حوالي الشّهرين أقرّت منظّمة الصّحة العالميّة أنَّ هذا الإنتشار، الّذي يطال أميركا وأوروبا ومعظم الدّول العربيَّة والآسيويّة، أصبح وباءً عالميًّا.
وبحديثنا عنها، إنّها عائلة جرثوميّة واسعة الأفق والمدى، وقد شهدنا في سنوات ماضية لعدّة أمراض تسبّبت جرّاء هذا الفيروس، منها متلازمة الشّرق الأوسط التّنفسيّة ومرض الإلتهاب الرّئوي الحادّ. والمعروف عن هذه الفئة الجرثوميّة أنّها غالبًا ما تنتقل من الحيوانات إلى النّاس. أمّا السلالة الجديدة للجرثومة الّتي تحارب العالم اليوم فهي لم تصبْ من قبل الجنس البشري
ومن عوارض إصابة الشّخص بهذا الفيروس نذكر: الحمّى، الأعراض التّنفسيّة، السّعال (وغالبًا ما يكون سعالًا خاليًا من المخاط– أي سعال جافّ)، إضافةً إلى ضيق وصعوبة التنفّس. وفي بعض الأحيان قد تتفاقم الحال عند الشّخص المصاب وتصل إلى حدّ الإلتهاب في الرّئتين أو فشل كلويّ وعند النّسب الأقلّ تسبّب الوفاة. وقد يؤثّر سلبًا على تبلور حالة الشّخص المريض إذا ما كان يعاني من أمراض مزمنة كأمراض القلب، والجهاز التّنفسّي أو المناعيّ، إضافةً إلى عدم استقرار ضغط الدّمّ ومعدّل السّكّر.
أمّا من الأمور الَّتي يجب على الأشخاص القيام بها بغية الحدّ من تفشّي هذا الوباء بأضعافٍ متسارعة ووقايتهم الشّخصيّة نذكر: غسل اليدين بشكلٍ متواصل ومتكرّر خلال ساعات النّهار بالماء الدّافئ والصّابون (لأنّ الفيروس لا يعيش إلّا في المناطق الباردة) أو بمطهّر اليدين الّذي يحتوي على نسبةٍ عاليةٍ من الإيثانول ، لزوم مسافة لا تقلّ عن متر (أي حوالي ثلاثة أقدام) بين شخصين عندما يتقابلان للحدّ من انتقال اللهث والتنفّس، الابتعاد قدر المستطاع عن المصافحة وتمرير اليدين على الوجه والأعين، تعقيم الأغراض وسطح الأثاث مداورةً لقتل الجراثيم الّتي قد تعيشُ في تلك الأمكنة إضافةً إلى غسل وتعقيم الخضر واللّحوم والأطعمة وطهيها جيّدًا قبل تناولها، ووضع الكمّامات والقفّازات الطبيّة عند الحاجة واللّزوم فقط.
وعلى الأشخاص الّذين كانوا في احتكاكٍ مباشر مع أشخاص مصابين بالزكام أو غيره بالحجر الصحي مدّة تتراوح بين يوم وثلاثة أيّام كما على الأشخاص الّذين قاموا بزيارة أحد الأماكن الموبوءة اتّباع سياسة الحجر المنزلي-الصّحّي مدّة 14 يوم.
أضف إلى ذلك أنّه من الضّروري أثناء البقاء في المنزل وفترات الحجر الصّحيّ أن يعتمد المرء على أساليب الترفيه واللهو للحدّ من التّفكير في الأمر وعدم تأثيره على صحّته النفسيّة والعقليّة، إذ للصّحّة النّفسيّة أهميّة قصوى في محاربة ومعالجة المرض. فمن الممكن أن يقوم المرء بالقراءة أو الرّسم أو مشاهدة الأفلام والمسلسلات، كما أنّه يستطيع معاودة أمور كان قد تركها بسبب انشغالاته الكثيرة والمختلفة، وغيرها.
أخيرًا وليس آخرًا، يبقى هنالك أمل إذ أن الأبحاث لتطوير لقاح جارية ومن المتوقّع طرح اللقاح في الأسواق في أيلول المقبل؛ كما أن دواء Actemra لشركةRoche العالمية قد حصل على إذن وكالة الصحة والغذاء الأميركية FDA على استخدامه لدى المصابين في الكورونا الذين يعانون من مضاعفات رئوية.
وتبقى الوقايةُ خيرًا من ألفِ ندمٍ. عسى ألّا يصيبه أحد مكروه!
ليمي مدوَّر